المستشار محمد سلامة
عضو مجلس أمناء كتلة الحوار
وُلدت «كتلة الحوار» من رحم «الحوار الوطني»، لتكون عنواناً على تحالف سياسي بين مجموعة من أبناء الشعب المصري العظيم، ليبرالية الهوى، مصرية الهوية، إنها تآلف مصري شعبي نخبوي مستقل، يتكوّن من مثقفين وأكاديميين وتكنوقراط وسياسيين، يجمعهم معا حب الوطن.
وعلى اعتبار أن «كتلة الحوار» كيان سياسى متزن، فهو يضع نفسه فـي موضع غير مسبوق فـي الحالة السياسية المصرية التي تشكلّت بعد ثورة 30 يونيو، ضمن إطار الجمهورية الجديدة، وذلك عبر الاعتراف بـإنجـازات الدولة وإخفاقاتها، في الوقت نفسه، وخوض معترك السياسة دون موالاة مطلقة كما تفعل بعض الأحزاب المسيطرة على الساحة، ودون معارضة مطلقة لا ترى أي إنجاز يتحقق على أرض الواقع. أي أن «الكتلة» لا تنتمي إلى المتربصين بالدولة، ولا إلى المهلّلين لها.
في هذه المنطقة الوسط، يمكن أن يكون لدى الكتلة طلبات سياسية بغير ابتزاز، وتقدم بدائل للحكومة من أجل الإصلاح الحقيقي، مع البحث عن حلول جدية للأزمة الاقتصادية التي يعاني منها جموع المصريين، في صورة خطط مدروسة ودراسات جدوى لمشاريع استثمارية قابلة للتمويل، تستند إلى خبرات التكنوقراط من كوادر وأعضاء الحزب، فضلاً عن الخبراء المختصين من خارج الحزب.
إن «الكتلة» مع استقرار الدولة، وهي تقدم نفسها كمعارضة وسطية تدفع الدولة إلى احترامها، معارضة من شأنها أن تفتح شهية الشارع السياسي المصري لتكوين تيارات وحركات مدنية أخرى، وتسعى إلى مدّ الجسور بين أطراف المعارضة والنظام، خصوصاً أن فكرة الكُره المتبادل وتسجيل النقاط دون حلول وبدائل، لا تؤسس لحياة سياسية حقيقية.
وفي هذا الصدد، يزعم البعض أن تأسيس «الكتلة» جاء بغرض ضرب الحركة المدنية، أو التسويق لفكرة وجود تيارات سياسية أخرى منافسة، وهو أمر غير صحيح بالمرة، فنحن لسنا أبدأ كما أكدنا في اجتماعاتنا ضد الحركة المدنية، ولا نسعى إلى ضربها، بل إن العكس هو الصحيح، فنحن مع أي تيار يقدم مشروعاً معتبرًا لدعم الحياة السياسية المصرية.
ومن الأهمية بمكان، في تقديرنا، تصفية ملف سجناء الرأي بشكل كامل ونهائي، وانتهاج مسار سياسي يحتوي كافة الأحزاب السياسية الشرعية وكل الحركات السياسية، تظللها قوانين جادة، تبيح الحق في مباشرة الحقوق السياسية دون تقييد أو التفاف، فضلاً عن ضرورة إطلاق الحريات العامة والصحفية والإعلامية.
ويسعى مؤسسو وأعضاء «كتلة الحوار» إلى تطوير الحياة السياسية وإعطائها زخماً جديداً، عبر الحرص على دعم المشاركة الشبابية الحقيقية في العمل الحزبي، والسعي إلى استقطاب الأعضاء من كافة الفئات الاجتماعية، والعمل بلا هوادة على إعادة الثقة إلى المواطنين بشأن أهمية العمل العام، بعد أن فقدت الناس الثقة في الحياة السياسية المصرية بشكل عام.
وعلينا أن نسعى جاهدين إلى الوصول للآلاف من الشخصيات الوطنية المخلصة، فتلك هي أولى خطواتنا للانطلاق نحو مشروعنا السياسي «حزب الحوار» يوماً ما.
من هذا المنطلق، فإن «الكتلة» ليست فقط كياناً نخبويا، بل إنها تعمل على مخاطبة الشارع بلغة الشارع، حتى يقتنع الشارع بالكتلة، وهو ما يتطلب خطاباً خاصاً للشارع، يكون بالتوازي مع موضوعات الحوار الداخلي.
إن «الكتلة» هي عبارة عن تجمُع سياسى شعبى ليبرالى، يعمل على توحيد الرؤى المختلفة من أجل خدمة المشروع الوطني الجديد، وينطلق من شرعية الدستور المصرى، ويعتبر ثورتيّ 25 يناير و30 يونيو مؤسِسى الجيل المعرفى الجديد، وأنهما أسستا لجيل المعرفة السياسية، والذي يسعى لأن يؤسس لمرحلة جديدة من النضج والوعي السياسي في منطقة ما بين التشدد والتهليل.
وفي تقديرنا، أن على «الكتلة» عدم تفويت هذه الفرصة التاريخية لخوض غمار المعترك السياسي، حيث يحاول النظام السياسى حالياً تـرك مربعه، والتحرك إلى مربع آخر أكـثـر انفتاحاً، خصوصاً بعد أن أسهم الحـــوار الوطنى في خلق حـالـة من الزخم، تدعمها الانتخابات الرئاسية بشكل كبير، الأمر الذي يعني ضرورة استغلال هذا المناخ الديمقراطي الوليد، من أجل الوصول إلى آفاق رحبة من الحرية والرفاهية والعدالة لجميع المصريين.